توفر نحو 5 مليارات دولار للقارة.. إفريقيا تتفرغ لمواجهة هيمنة الدولار عبر أنظمة مدفوعات محلية (تفاصيل)

إفريقيا تتجه نحو تعزيز الأنظمة المالية بتطبيق أنظمة مدفوعات محلية كخطوة تاريخية لتحسين التجارة وتقليل الهدر المالي، تتبنى دول القارة الإفريقية أنظمة دفع إقليمية باستخدام العملات المحلية بدلاً من الدولار، في محاولة لتقليل الاعتماد على العملات الأجنبية المكلفة وتحرير التجارة من هيمنة “الدولرة”، تسعى هذه الدول إلى خلق بيئة اقتصادية أكثر كفاءة واستقلالية مما يجعل المدفوعات المحلية جزءًا جديدًا من المشهد المالي الإفريقي، وتُعتبر هذه المبادرة التوجه الأحدث في سلسلة من الجهود لتعزيز الاقتصاد الإفريقي وزيادة فعالية الأنظمة المحلية.

أثر المدفوعات المحلية في تقليل التكاليف الماليّة

وفقًا لمايك أوجبالو، الرئيس التنفيذي لنظام المدفوعات والتسويات الإفريقي (PAPSS)، فإن التجارة داخل القارة الإفريقية أصبحت أكثر تكلفة من المتوسط العالمي بنسبة تصل إلى 50٪ بسبب الاعتماد على بنوك المراسلة الأجنبية، ومع ذلك، يعطي نظام PAPSS الأمل للبنوك الإفريقية لتخفيض التكلفة، إذ يمكن خفض تكلفة المعاملات من 30٪ إلى 1٪ بفضل التعامل بالعملات المحلية، ما يعني تخفيضًا كبيرًا في الهدر المالي الذي تتحمله الدول الإفريقية.

انخفاض التكاليف بفضل استخدام العملات المحلية

تؤكد المؤسسة المشغلة لنظام PAPSS أن استخدام العملات المحلية في التجارة بين الدول الإفريقية يمكن أن يوفر نحو 5 مليارات دولار سنويًا، هذا المبلغ يمثل دعمًا كبيرًا لتعزيز الاستقلال المالي الإفريقي وتقليل الضغط على احتياطيات العملات الأجنبية، النظام الذي بدأ في 2022 بعدد قليل من البنوك، أصبح الآن يضم 150 بنكًا تجاريًا في 15 دولة، مما يعكس التوسع والنمو في تبني أنظمة المدفوعات المحلية.

دعم المؤسسات الكبرى للمدفوعات المحلية

بدعم متزايد من المؤسسات الكبرى مثل مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، بدأت تتلاشى تدريجيًا عقبات الاقتراض بالدولار، إذ أصبحت هذه المؤسسات تقدم قروضًا بالعملات المحلية للشركات الإفريقية، ولكن هذا التوجه يُقابل بتحفظات يشوبها التهديد من الولايات المتحدة، حيث رأى الرئيس السابق دونالد ترامب أن هذه الخطوات تشكل تهديدًا لهيمنة الدولار في التجارة العالمية، مهددًا بفرض رسوم جمركية “كاملة” على الدول التي تحاول الحد من سيطرة الدولار.

الجغرافيا السياسية وتأثيرها على التحولات المالية

تعيدنا هذه التحركات إلى مخاطر الصراع الجيوسياسي الذي تواجهه الدول الإفريقية في سعيها للحد من الاعتماد على النظام المالي الغربي، إذ يرى دانيال ماكدويل، أستاذ التمويل الدولي، أن هذه التحركات قد تُفسّر على أنها اصطفاف سياسي مع خصوم واشنطن، مما قد يُعقد تنفيذ هذا المشروع، خاصة في ظل الضغوط السياسية المتوقعة.

إفريقيا ومسعاها نحو تجارة أكثر استقلالية

مازالت إفريقيا مستمرة في خطاها نحو التخلص من الدولار، مدعومة بدعم متزايد من دول مثل جنوب إفريقيا التي تقود الملفات الاقتصادية في اجتماعات مجموعة العشرين، تتمتع أنظمة المدفوعات المحلية بقدرتها على بناء بنى مالية أكثر كفاءة ومرونة، سعيًا لإنهاء الاعتماد المرهق والمكلف على الدولار الأمريكي، هذه المبادرة تفتح آفاقاً جديدة للنمو الاقتصادي الإفريقي بالرغم من التحديات السياسية.