إشراقة التغيير: دراما التنوير ورسم خارطة طريق لوعي الأمة

تعد الدراما المصرية إحدى أهم أدوات التأثير الثقافي والاجتماعي في المجتمع، حيث تؤدي دورًا محوريًا في تشكيل الوعي وبناء الهوية الوطنية. ولعل دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتوجيه الصناعة الدرامية نحو دعم القيم الوطنية والارتقاء بالذوق العام، جاءت في التوقيت المناسب لتقييم واقع الدراما المصرية ومواجهة التحديات التي تعترض تطورها. وبهذا تظهر الحاجة إلى خارطة طريق تُسهم في إعادة هذه الصناعة إلى دورها الأساسي كقوة ناعمة للمجتمع.

تحديات تواجه صناعة الدراما المصرية

تتعدد التحديات التي تواجه صناعة الدراما المصرية، وعلى رأسها مسألة تنظيم الأجور المبالغ فيها، حيث أشار المخرج محمد النقلي إلى أن ارتفاع أجور بعض الفنانين يستنزف أكثر من 70% من ميزانية العمل الفني، مما يؤدي لضعف باقي عناصر الإنتاج. كما أن قصر مدة التصوير وضيق الوقت المتاح لإنجاز الأعمال الدرامية، وبخاصة التي تُعرض في موسم رمضان، يؤثر سلبًا على جودة المسلسلات المطروحة. بالإضافة إلى ذلك، هناك تحديات أخرى تتعلق بعدم استمرارية مشاركة كبار الفنانين وصناع الدراما في الأعمال الحديثة، مما يفقد الصناعة جزءًا كبيرًا من ثقلها الفني.

أهمية التحضير الجيد للدراما المصرية

تُعتبر جودة التحضير للعمل الدرامي من العوامل الأساسية لنجاحه، ويتطلب ذلك منح الوقت الكافي لكل مراحل الإنتاج بداية من كتابة السيناريو، مرورًا بتصوير المشاهد، وانتهاءً بمراحل المونتاج النهائية. كما أكد الكاتب محمد حلمي هلال ضرورة تسليم النصوص للرقابة في وقت مبكر، بحيث يُتاح مراجعتها لتجنب الأخطاء وتحسين قيمة المحتوى. من جهة أخرى، يشير المؤلف أحمد أبو زيد إلى أهمية وضع بروتوكولات تعاون مع الهيئات الإنتاجية المحلية والعربية لضمان التزام الأعمال بالمعايير الأخلاقية والاجتماعية المطلوبة.

إسهامات الدولة في النهوض بالدراما

في سياق تشجيع التطوير، شدد المخرج عصام عبدالحميد على أهمية توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي في التركيز على القضايا المجتمعية الجوهرية داخل الأعمال الدرامية. فمن خلال تقديم أعمال تناقش واقع المجتمع المصري، تعود الدراما لتكون منبرًا لنشر القيم الإيجابية وزيادة الوعي. ومن أبرز التجارب الدرامية الناجحة التي جمعت بين القضايا الجادة والتأثير الجماهيري نجد مسلسلَي “ولاد الشمس” و”لام شمسية” الذين حققا نجاحًا مميزًا.

باختصار، يمكن القول إن إعادة صياغة الدراما المصرية على أساس احترافي يتطلب خطوات جادة تشمل مراجعة أجور الفنانين، توفير الوقت اللازم للإنتاج، تعزيز التعاون العربي، والاهتمام بقضايا الجماهير. هذه الرؤية يمكن أن تعيد الدراما المصرية إلى المقدمة كصوت هادف يعبر عن طموحات المجتمع ويدعم هويته الثقافية.